حين يتراجع البُعد الإنساني في تعليم العمل الاجتماعي العربي: قراءة نقدية في تأثيرات اعتماد الطلاب المفرط على تقنيات الذكاء الاصطناعي

يشهد التعليم العالي في العالم العربي تحوّلًا متسارعًا في ظل الثورة الرقمية التي فرضت حضورًا واسعًا لتقنيات الذكاء الاصطناعي داخل البيئة الجامعية، لا سيما في مجالات العلوم الإنسانية والاجتماعية. وبينما تقدم هذه التقنيات فرصًا تعليمية واعدة، يُثار جدل متزايد حول تأثيراتها العميقة على البُعد الإنساني في العملية التعليمية، خصوصًا في تخصصات تحمل طابعاً قيمياً ومهنياً وإبداعياً كمهنة العمل الاجتماعي.
هذا ولقد أصبح اعتماد الطلاب على أدوات الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence Dependence  مثل تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي، ومساعدات البحث التلقائي، وأنظمة التلخيص والتحليل – أمرًا شائعًا، الأمر الذي أدى إلى تحولات في أنماط التعلّم والتفاعل داخل قاعات الدراسة. ورغم ما تحققه هذه الأدوات من كفاءة وسرعة في الأداء، فإن الاعتماد المفرط عليها يطرح تساؤلات جدية حول فقدان العمق التأملي، وضعف التفكير النقدي، وتراجع التفاعل الإنساني، وهي كلها مقومات أساسية وكفاءات رئيسية في إعداد الأخصائي الاجتماعي الكفء.
ومن هذا المنطلق، تهدف هذه الدراسة إلى تقديم قراءة نقدية لتأثيرات الاعتماد الزائد على تقنيات الذكاء الاصطناعي من قبل الطلاب في تعليم العمل الاجتماعي العربي. وتسعى إلى تسليط الضوء على مظاهر تراجع البُعد الإنساني في هذا السياق، واستكشاف العوامل المرتبطة بالاعتماد وكذلك تداعيات ذلك على جودة الإعداد المهني، والهوية الأخلاقية للطلاب، ودور المؤسسات التعليمية في ضبط هذا التحوّل، اعتمدت هذه المقالة منهجية وصفية تحليلية، ترتكز على مراجعة أدبيات حديثة، كما تطرح مجموعة من التوصيات العملية التي من شأنها استعادة التوازن بين التقنيات الحديثة والروح الإنسانية الأصيلة في العملية التعليمية والتقليل من الاعتماد المفرط على تلك التطبيقات الذكية.